فصل: من أقوال العلماء في وجوه إعجاز القرآن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تحدي القرآن بعدم الاختلاف فيه:

وقد تحدى أيضًا بعدم وجود الاختلاف فيه، قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} [النساء: 82]، فإن من الضروري أن النشأة نشأة المادة والقانون الحاكم فيها قانون التحول والتكامل فما من موجود من الموجودات التي هي أجزاء هذا العالم إلا وهو متدرج الوجود متوجه من الضعف إلى القوة ومن النقص إلى الكمال في ذاته وجميع توابع ذاته ولواحقه من الأفعال والآثار ومن جملتها الإنسان الذي لا يزال يتحول ويتكامل في وجوده وأفعاله وآثاره التي منها آثاره التي يتوسل إليها، بالفكر والإدراك، فما من واحد منا إلا وهو يرى نفسه كل يوم أكمل من أمس ولا يزال يعثر في الحين الثاني على سقطات في أفعاله وعثرات في أقواله الصادرة منه في الحين الأول، هذا أمر لا ينكره من نفسه إنسان ذو شعور.
وهذا الكتاب جاء به النبي صلى الله عليه وسلم نجومًا وقرأه على الناس قطعًا قطعًا في مدة ثلاث وعشرين سنة في أحوال مختلفة وشرائط متفاوتة في مكة والمدينة في الليل والنهار والحضر والسفر والحرب والسلم في يوم العسرة وفي يوم الغلبة ويوم الأمن ويوم الخوف، ولإلقاء المعارف الإلهية وتعليم الأخلاق الفاضلة وتقنين الأحكام الدينية في جميع أبواب الحاجة، ولا يوجد فيه أدنى اختلاف في النظم المتشابه، كتابًا متشابهًا مثانى، ولم يقع في المعارف التي ألقاها والأصول التي أعطاها اختلاف بتناقض بعضها مع بعض وتنافي شيء منها آخر، فالآية تفسير الآية والبعض يبين البعض، والجملة تصدق الجملة كما قال علي- رضي الله عنه-: ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض.
ولو كان من عند غير الله لاختلف النظم في الحسن والبهاء والقول في الشداقة والبلاغة والمعنى من حيث الفساد والصحة ومن حيث الإتقان والمتانة.
فإن قلت: هذه مجرد دعوى لا تتكي على دليل وقد أخذ على القرآن مناقضات وإشكالات جمة ربما ألف فيه التأليفات، وهي إشكالات لفظية ترجع إلى قصوره في جهات البلاغة ومناقضات معنوية تعود إلى خطأه في آرائه وأنظاره وتعليماته، وقد أجاب عنها المسلمون بما لا يرجع في الحقيقة إلا إلى التأويلات التي يحترزها الكلام الجاري على سنن الاستقامة وارتضاء الفطرة السليمة.
قلت: ما أشير إليه من المناقضات والإشكالات موجودة في كتب التفسير وغيرها مع أجوبتها ومنها هذا الكتاب، فالإشكالات أقرب إلى الدعوى الخالية عن البيان.
ولا تكاد تجد في هذه المؤلفات التي ذكرها المستشكل شبهة أوردوها أو مناقضة أخذوها إلا وهي مذكورة في مسفورات المفسرين مع أجوبتها فأخذوا الإشكالات وجمعوها ورتبوها وتركوا الأجوبة وأهملوها، ونعم ما قيل: لو كانت عين الحب متهمة فعين البغض أولى بالتهمة. اهـ.

.التحدي بالبلاغة:

وقد تحدى القرآن بالبلاغة كقوله تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون} [هود: 13، 14].
والآية مكية، وقوله تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله} [يونس: 38، 39]. والآية أيضًا مكية وفيها التحدي بالنظم والبلاغة فإن ذلك هو الشأن الظاهر من شئون العرب المخاطبين بالآيات يومئذ، فالتاريخ لا يرتاب أن العرب العرباء بلغت من البلاغة في الكلام مبلغًا لم يذكره التاريخ لواحدة من الأمم المتقدمة عليهم والمتأخرة عنهم ووطئوا موطئًا لم تطأه أقدام غيرهم في كمال البيان وجزالة النظم ووفاء اللفظ ورعاية المقام وسهولة المنطق. وقد تحدى عليهم القرآن بكل تحد ممكن مما يثير الحمية ويوقد نار الأنفة والعصبية. وحالهم في الغرور ببضاعتهم والاستكبار عن الخضوع للغير في صناعتهم مما لا يرتاب فيه، وقد طالت مدة التحدي وتمادي زمان الاستنهاض فلم يجيبوه إلا بالتجافي ولم يزدهم إلا العجز ولم يكن منهم إلا الاستكبار والفرار، كما قال تعالى: {ألا أنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون} [هود: 5].
وقد مضى من القرون والأحقاب ما يبلغ أربعة عشر قرنًا ولم يأت بما يناظره آت ولم يعارضه أحد بشيء إلا أخزي نفسه وافتضح في أمره.
وقد ضبط النقل بعض هذه المعارضات والمناقشات، فهذا مسبلمة عارض سورة الفيل بقوله: الفيل ما الفيل وما أدراك ما الفيل له ذلب وبيل وخرطوم طويل وفي كلام له في الوحي يخاطب السجاح النبيه فنولجه فيكن إيلاجًا، ونخرجه منكن إخراجًا فانظر إلى هذه الهذيانات واعتبر، وهذه سورة عارض بها الفاتحة بعض النصارى الحمد للرحمن. رب الأكوان الملك الديان. لك العبادة وبك المستعان اهدنا صراط الإيمان إلى غير ذلك من التقولات. اهـ.
وقال الشيخ محمد جواد البلاغي في تقديمه لتفسير مجمع البيان للطبرسي ما نصه:
ولا تزال المصاحف ينسخ بعضها على بعض والمسلمون يقرأ بعضهم على بعض ويسمع بعضهم من بعض.
تكون ألوف المصاحف رقيبة على الحفاظ وألوف الحفاظ رقباء على المصاحف وتكون الألوف من كلا القسمين رقيبة على المتجدد منها. نقول الألوف ولكنها مئات الألوف وألوف الألوف فلم يتفق لأمر تاريخي من التواتر وبداهة البقاء مثل ما اتفق للقرآن الكريم كما وعد الله جلت ألاؤه بقوله في سورة الحجر {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] وقوله في سورة القيامة {إن علينا جمعه وقرآنه} (القيامة: 17). اهـ.

.من أقوال العلماء في وجوه إعجاز القرآن:

قال أبو حيان التوحيدي في البصائر: لم أسمع كلامًا ألصق بالقلب، وأعلق بالنفس من فصل تكلم به بندار بن الحسين الفارسي. وكان بحرًا في العلم- وقد سئل عن موضع الإعجاز من القرآن فقال: هذه مسألة فيها حيف على المفتي، وذلك أنه شبيه بقولك: ما موضع الإنسان من الإنسان؟ فليس للإنسان موضع من الإنسان بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته، ودللت على ذاته، كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلا وكان ذلك المعنى آية في نفسه، ومعجزة لمحاوله، وهدى لقائله، وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه وأسراره في كتابه، فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده.
ومنها: وهو قول حازم في منهاج البلغاء: إن الإعجاز فيه من حيث استمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها في جميعه استمرارًا لا توجد له فترة، ولا يقدر عليه أحد من البشر، وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشيء اليسير المعدود، ثم تعرض الفترات الإنسانية فتقطع طيب الكلام ورونقه، فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه، بل توجد في تفاريق وأجزاء منه، والفترات في الفصاحة تقع للفصيح، إما بسه ويعرض له في الشيء من غير أن يكون جاهلًا به، أو من جهل به، أو من سآمة تعتري فكره، أو من هوى للنفس يغلب عليها فيما يحوش عليها خاطره، من اقتناص المعاني سمينًا كان أو غثًا، فهذه آفات لا يخل ومنها الإنسان الفاضل الطبع الكامل، وهو قريب مما ذكره ابن الزملكاني وابن عطية.
قال الخطابي في كتابه- وإليه ذهب الأكثرون من علماء النظر-: إن وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة، لكن لما صعب عليهم تفصيلها صغوا فيه إلى حكم الذوق والقبول عند النفس.
قال: والتحقيق أن أجناس الكلام مختلفة، ومراتبها في درجة البيان متفاوتة، ودرجاتها في البلاغة متباينة غير متساوية، فمنها البليغ الرصين الجزل، ومنها الفصيح القريب السهل، ومنها الجائز الطلق الرسل، وهذه أقسام الكلام الفاضل المحمود.
فالقسم الأول أعلاه، والثاني أوسطه، والثالث أدناه وأقربه، فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة، وأخذت من كل نوع شعبة، فانتظم لها بامتزاج هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة، وهما على الانفراد في نعوتهما كالمتضادين، لأن العذوبة نتاج السهولة، والجزالة والمتانة. يعالجان نوعان من الوعرة، فكان اجتماع الأمرين في نظمه مع نب وكل منهما عن الآخر فضيلة خص بها القرآن. يسرها الله بلطيف قدرته، ليكون آية بينة لنبيه.
وإنما تعذر على البشر الإتيان بمثله لأمور:
منها: أن علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية وأوضاعها التي هي ظروف المعاني والحوامل ولا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ، ولا تكمل معرفتهم باستيفاء جميع وجوه النظوم التي بها يكون ائتلافها وارتباطها بعضها ببعض، فيتوصلوا باختيار الأفضل عن الأحسن من وجوهها، إلا أن يأتوا بكلام مثله.
وإنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة: لفظ حامل، ومعنى به قائم، ورباط لهما ناظم، وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة، حتى لا ترى شيئًا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه، ولا ترى نظمًا أحسن تأليفًا وأشد تلاؤمًا وتشاكلًا من نظمه. وأما معانيه، فكل ذي لب يشهد له بالتقديم في أبوابه، والرقي في أعلى درجاته.
وقد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرق في أنواع الكلام، وأما أن توجد مجموعة في نوع واحد منه فلم توجد إلا في كلام العليم القدير، فخرج من هذا أن القرآن إنما صار معجزًا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف، مضمنًا أصح المعاني، من توحيد الله تعالى وتنزيهه في صفاته، ودعاء إلى طاعته وبيان لطريق عبادته في تحليل وتحريم، وحظر وإباحة، ومن وعظ وتقويم، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، وإرشاد إلى محاسن الأخلاق، وزجر عن مساويها، واضعًا كل شيء منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه، ولا يتوهم في صورة العقل أمر أليق به منه، مودعًا أخبار القرون الماضية وما نزل من مثلات الله بمن عصى وعاند منهم، منبئًا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الماضية من الزمان، جامعًا في ذلك بين الحجة والمحتج له، والدليل والمدلول عليه، ليكون ذلك أؤكد للزوم ما دعا إليه، وإنباءً عن وجوب ما أمر به ونهي عنه.
ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور، والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتتسق، أمر تعجز عنه قوى البشر، ولا تبلغه قدرتهم، فانقطع الخلق دونه، وعجزوا عن معارضته بمثله، ومناقضيه في شكله، ثم صار المعاندون له يقولون مرة: إنه شعر لما رأوه منظومًا، ومرة إنه سحر لما رأوه معجوزًا عنه، غير مقدور عليه. وقد كانوا يجدون له وقعًا في القلب وقرعًا في النفس، يريبهم ويحيرهم، فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعًا من الاعتراف، ولذلك قالوا: إن له الحلاوة، وإن عليه لطلاوة. وكانوا مرة لجهلهم وحيرتهم يقولون: {أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلًا} [الفرقان: 5]. مع علمهم أن صاحبهم أمي وليس بحضرته من يملي أو يكتب شيئًا، ونحو ذلك من الأمور التي أوجبها العناد والجهل والعجز. وقد حكى الله عن بعض مردتهم- وهو الوليد بن المغيرة المخزومي- أنه لما طال فكره في القرآن وكثر ضجره منه، وضرب له الأخماس من رأيه في الأسداس، فلم يقدر على أكثر من قوله: {إن هذا إلا قول البشر} [المدثر: 24] عنادًا وجهلًا به، وذهابًا عن الحجة، وانقطاعًا دونها.
قال الخطابي: وقلت في إعجاز القرآن وجه آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ في آحادهم وهو صنيعه بالقلوب، وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلامًا غير القرآن منظومًا ولا منثورًا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في حال أخرى ما يخلص منه إليه.
قال الله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله} [الحشر: 21].
وقال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} [الزمر: 23].
قلت: ولهذا أسلم جبير بن مطعم لما سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للطور حتى انتهى إلى قوله: {إن عذاب ربك لواقع} [الطور: 7] قال: خشيت أن يدركني العذاب. وفي لفظ: كاد قلبي يطير فأسلم. وفي أثر آخر أن عمر لما سمع سورة طه أسلم، وغير ذلك.
وقد يصنف بعضهم كتابًا فيمن مات بسماع آية من القرآن.
وهو قول أهل التحقيق: إن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال، لا بكل واحد عن انفراد، فإنه جمع ذلك كله، فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على الجميع بل وغير ذلك مما لم يسبق.
فمنها: الروعة التي له في قلوب السامعين، وأسماعهم، سواء المقرين والجاحدين، ثم إن سامعه إن كان مؤمنًا به يداخله روعة في أول سماعه وخشية، ثم لا يزال يجد في قلبه هشاشة إليه، ومحبة له. وإن كان جاحدًا أوجد فيه مع تلك الروعة نفورًا وعيًا، لانقطاع مادته بحسن سمعه.
ومنها: أنه لم يزل غضًا طريًا في أسماع السامعين، وعلي ألسنة القارئين.
ومنها: ما ينتشر فيه عند تلاوته من إنزال الله إياه في صورة كلام هو مخاطبة من الله لرسوله تارة، ومخاطبة أخرى لخلقه، لا في صورة كلام يستمليه من نفسه من قد قذف في قلبه، وأوحي إليه ما شاء أن يلقيه إلى عباده على لسانه، فهو يأتي بالمعاني التي ألهمها بألفاظه التي يكسوها إياه، كما يشاهد من الكتب المتقدمة.
ومنها: جمعه بين صفتي الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادين، لا يجتمعان غالبًا في كلام البشر، لأن الجزالة من الألفاظ التي لا توجد إلا بما يشوبها من القوة وبعض الوعورة والعذوبة منها ما يضادها من السلاسة والسهولة، فمن نحا نحو الصورة الأولى فإنما يقصد الفخامة والروعة في الإسماع، مثل الفصحاء من الأعراب، وفحول الشعراء منهم، ومن نحا نحو الثانية قصد كون الكلام في السماع أعذب وأشهى وألذ، مثل أشعار المخضرمين ومن داناهم من المولدين والمتأخرين.
وترى ألفاظ القرآن قد جمعت في نظمه كلتا الصفتين، وذلك من أعظم وجوه البلاغة والإعجاز.
ومنها: جعله آخر الكتب غنيًا عن غيره، وجعل غيره من الكتب المتقدمة قد يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه، كما قال تعالى: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه مختلفون} [النمل: 76]. اهـ.

.شهادات حول القرآن:

يجدر بنا أن ننقل جما من أقوال المشاهير بشأن القرآن بمن فيهم أولئك الذين اتهموا بمعارضة القرآن.
1- أبو العلاء المعري المتهم بمعارضة القرآن يقول:
وأجمع ملحد ومهتد أن هذا الكتاب الذي جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم كتاب بهر بالإعجاز، ولقى عدوه بالإرجاز، ما حذى على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال،... ما هو من القصيد الموزون، ولا الرجز، ولا شاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة، وجاء كالشمس، لو فهمه الهضب لتصدع، وأن الآية منه أو بعض الآية لتعرض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والظهرة البادية في جدوب.
2- الوليد بن المغيرة المخزومي، وهو رجل عرف بين عرب الجاهلية بكياسته وحسن تدبيره، ولذلك سمي ريحانة قريش، سمع آيات من سورة غافر فرجع إلى قوم من بني مخزوم فقال لهم: والله لقد سمعت من محمّد آنفًا كلامًا ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعل ووما يعلى عليه.
3- العالم المؤرخ البريطاني كارليل يقول حول القرآن: وألقينا نظرة على هذا الكتاب المقدس لرأينا الحقائق الكبيرة، وخصائص أسرار الوجود، مطروحة بشكل ناضج في مضامينه، ممّا يبين بوضوح عظمة القرآن. وهذه الميزة الكبرى خاصة بالقرآن، ولا توجد في أي كتاب علميّ وسياسي واقتصادي آخر. نعم، قراءة بعض الكتب تترك تأثيرًا عميقًا في ذهن الإنسان، ولكن هذا التأثير لا يمكن مقارنته بتأثير القرآن.
من هنا ينبغي أن نقول: المزايا الأساسية للقرآن، ترتبط بما فيه من حقائق وعواطف طاهرة، ومسائل كبيرة، ومضامين هامة لا يعتريها شك وترديد. وينطوي هذا الكتاب على كل الفضائل اللازمة لتحقيق تكامل البشرية وسعادتها.
4- جان ديفن بورت مؤلف كتاب الاعتذار إلى محمّد والقرآن يقول:
القرآن بعيد للغاية عن كل نقص، بحيث لا يحتاج إلى أدنى إصلاح أو تصحيح، وقد يقرؤه شخص من أوّله إلى آخره دون أن يحسّ بأي ملل.
ويقول: لا خلاف في أن القرآن نزل بأبلغ لسان وأفصحه، وبلهجة قريش أكثر العرب أصالة وأدبًا... ومليء بأبلغ التشبيهات وأروعها.
5- غورة الشاعر الألماني يقول:
قد يحسّ قرّاء القرآن للوهلة الأولى بثقل في العبارات القرآنية، لكنه ما أن يتدرج حتى يشعر بانجذاب نحو القرآن، ثم إذا توغّل فيه ينجذب- دون اختيار- إلى جماله الساحر.
وفي موضع آخر يقول: لسنين طويلة، أبعدنا القساوسة عن فهم حقائق القرآن المقدس وعن عظمة النّبي محمّد، ولكن كلما خطونا على طريق فهم العلم تنزاح من أمام أعيننا حُجُب الجهل والتعصب المقيت، وقريبًا سيلفت هذا الكتاب الفريد أنظار العالم، ويصبح محور أفكار البشرية!
ويقول كذلك: كنا معرضين عن القرآن، ولكن هذا الكتاب ألفت أنظارنا، وحيّرنا، حتى جعلنا نخضع لما قدمه من مبادئ وقوانين علمية كبرى!
6- ويل ديورانت المؤرخ المعروف يقول: القرآن أوجد في المسلمين عزّة نفس وعدالة وتقوى لا نرى لها نظيرًا في أية بقعة من بقاع العالم.
7- المفكر الفرنسي جول لابوم في كتاب تفصيل الآيات يقول: العلم انتشر في العالم على يد المسلمين، والمسلمون أخذوا العلوم من القرآن وهو بحر العلم، وفرّعوا منه أنهارًا جرت مياهها في العالم.
8- المستشرق البريطاني دينورت يقول:
يجب أن نعترف أنّ العلوم الطبيعية والفلكية والفلسفة والرياضيّات التي شاعت في أوربا، هي بشكل عام من بركات التعاليم القرآنية، ونحن فيها مدينون للمسلمين، بل إن أوربا من هذه الناحية من بلاد الإِسلام.
9- الدكتورة لورا واكسيا واغليري أستاذة جامعة نابولي في كتاب تقدم الإِسلام السريع تقول:
كتاب الإسلام السماوي نموذج الإعجاز... القرآن كتاب لا يمكن تقليده، وأسلوبه لا نظير له في الآداب، والتأثير الذي يتركه هذا الأسلوب في روح الإنسان ناشئ عن امتيازاته وسموّه... كيف يمكن لهذا الكتاب الإِعجازي أن يكون من صنع محمّد، وهو رجل أميّ؟!.
نحن نرى في هذا الكتاب كنوزًا من العلوم تفوق كفاءة أكثر النّاس ذكاء وأكبر الفلاسفة وأقوى رجال السياسة والقانون.
من هنا لا يمكن اعتبار القرآن عمل إنسان متعلّم عالم. اهـ.